فلسفة أعمال الحج وفضل أعماله
الأربعاء 10 ذو الحجة 1423هـ المصادف 12 شباط 2003م
الخطبة الأولى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، وله الحمد على ما منَّ به علينا من سوابغ الإنعام، التي من أعظمها وأجلها التوفيق لاعتناق دين الاسلام، واتباع سيد الرسل العِظام، ومشايعة أهل بيته الكرام، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، فأغنانا عن أكل الحرام، وأنجانا من الركون إلى الكفرة اللئام، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أُكبِره وأجله وأوحِّده, وفي كل ما أهمني ألجأ إليه وأعتمده، وفي كل الملمات أتوكل عليه وأسترفده، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ألتمس منه التوفيق للإنابة والتوبة، وأسأله الإقالة من العثرة والحوبة، وأستجير به من السَوْق إلى ذات الغصة والكربة، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
أشهد ألا إله إلا هو وحده لا شريك له، أوجد مَن دونه بكلمته، وخلق الكون بمشيئته، وبرأ الخلق بإرادته، وصوَّرهم كيف شاء بحكمته، وشرع لهم الدين بلطفه ورحمته، فمن شاء منهم اتخذ إلى ربه سبيلا، ومن حاد منهم فسوف يدعو ثبوراً ويصرخ ويلا، ]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الأخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[[1].
وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله خير من بلَّغ رسالة الله براً وبحرا، وأفضل من صدع بالنذارة من لدنه زجراً وأمرا، وبالغ في الدعوة إليه جهراً وسرا، ودمغ ببواهر المعجزات شبهات من ضاق بالحق صدرا، وأنار بضوء الهداية طريق من أزمع للحقيقة سبرا، فـ]تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً[[2]
صلى الله عليه وآله ذوي الحلم والنهى، وأهل العلم والتقى، الأدلاء على رب العالمين، والمستحفَظين على أسرار الوحي والدين، القوَّامين في العالمين، المشفَّعين في يومٍ لا يُغني فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
اعلموا عباد الله أن الله سبحانه لما خلق السماوات السبع بنى في الرابعة منها بيتاً معمورا، ومعبداً جعله لدى سكان السماوات مشهورا، تفد إليه الملائكة المقرَّبون، ويطوف به الكروبيون، ويأمه الروحانيون، ودحى الأرض فجعلها لعباده مهادا، وجعل الجبال عليها أوتادا، وخالف بين أصقاعها، فمنها السهلة ومنها الحزنة، ومنها اللينة ومنها الخشنة، وفرَّق بين بلدانها في الضياء والظلمة، فضحى أهل المشرق عند سكان المغرب عتمة، أحاطها بالبحار وجعلها بحكمته أجاجا، وأنزل عليها من المعصرات ماءً ثجَّاجا، أحيا به ميتها، وأغاث به سكنتها، وأخرج به نبتها، وأمر خليله إبراهيم صلى الله عليه وآله المعصومين أن يبني له بيتاًً كان قد أسسه آدم عليه السلام على سرتها، أنزل فيه البركة، وحفه بالرحمة، وجعله مثابةً للعالمين، ومعبداً للمؤمنين، يلجأ إليه الخائفون، ويأمن فيه المروَّعون، ويطوف به الناسكون، ويتضرع إليه عنده المنيبون، يتشبَّهون في ذلك بالملائكة المقرَّبين، ويضاهئون النبيين، فيؤمن روعتهم، ويعفو عن سيئاتهم، ويرحم فيه دمعتهم، ويضاعف لهم أعمالهم، ويجبر كسيرهم، ويغني فقيرهم، وأمر جبرئيل عليه السلام أن يأخذ خليله إبراهيم ويُريه مناسك الحج، ويُرشده الى مواقفه، منسكاً منسكا، وموقفاً موقفا، حتى أتم حجه، فأمره الله سبحانه في الرؤيا أن يُضحِّي له بابنه وحيده، أبينا إسماعيل عليه السلام، فشاور ولده في الأمر، فقال له: ]افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ[[3]، وكيف لا يقول ذلك وهو المؤمن المعصوم من المعصية من الخطأ، العالم بأن الأنبياء والرسل، تنام أعينهم، ولا تنام قلوبهم وعقولهم، ولا يتسلط الشيطان عليهم، لا في حال اليقظة ولا في حال المنام، فرؤيا الأنبياء وحيٌ من الله سبحانه، فمضى الأب في تنفيذ ما أمره مولاه، واطمأن الإبن إلى ما سيعقبه رضاه، ولكن الله سبحانه وتعالى لم يأمر نبيه بذبح ولده والتضحية به أمر تكليف، وإلا لم يجز نسخه قبل تنفيذه، وإنما أمره بذلك امتحاناً وابتلاءً، حتى يتبين فضل الخليل، وصدق محبته له سبحانه، ويتبيَّن إيمان الإبن وأنه حريٌ بما سيعطيه ربه من عهودٍ ومواثيق له، ومنها جعْل الرسالة الخاتمة والإمامة الخاتمة من ذريته، فبعد أن أسلما لله، ناداه ربه: أنْ ]قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا[[4] يا إبراهيم, وفداه بذبحٍ عظيم[5]، كبشٍ أنزله عليه مع جبريل عليه السلام، وقال له: ]إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ[[6]، هذا هو الاختبار الحقيقي الذي لا يتحمله إلا الأنبياء، لتكون سنةً جاريةً على مر الأيام والسنين، وحيث أني تعرضت لقضية الذبح والفداء، أود أن أشير إلى أن هذه الواقعة تفضح زيف اليهود وكذبهم في ادعائهم بأن الله سبحانه قد أعطى عهده لإسحاق عليه السلام، وأنه الذي سيكون منه النبي الخاتم الذي ما زالوا ينتظرونه باسم المسيح, أي المعصوم من الذنوب، لأنهم حرَّفوا ما في التوراة في قضية الأمر بالذبح، وقالوا كما في التوراة الموجودة حالياً: "وأما أنت يا إبراهيم، فقم وخذ ابنك، بكرك، وحيدك، إسحاق واذبحه لي", فأقحموا اسم إسحاق في الآية إقحاما، مع أنه لا ينسجم مع مضمونها، لأن إسحاق ليس بكراً لإبراهيم، ولم يكن ابناً وحيداً له في يومٍ من الأيام، فهو عليه السلام لم يولد إلا بعد إسماعيل بأحد عشرة عاماً فكيف يكون بكراً ووحيدا؟ لا شك أن الآية لا تنطبق على أحدٍ من ولد إبراهيم عليه السلام غير إسماعيل، لأنه أكبر أبناء إبراهيم، فيصح أن يكون بكره ووحيده قبل ولادة إسحاق، أو مدين أو مدان، ولكن اليهود لا يبالون بتحريف كلام الرب جلَّ وعلا، وقد تابعهم النصارى في هذه الفِرية، فيما يقرؤون حالياً من التوراة على هذا التحريف، ليصرفوا الآية إلى السيد المسيح بن مريم عليه السلام.
الخلاصة أن الذبيح هو أبونا إسماعيل عليه السلام، وهو الذي معه العهد من الله سبحانه، بأن تكون النبوة الخاتمة من ولده، وأن يكون الأئمة الاثني عشر الهادون المهديون المعصومون من سلالته، ولقد قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: "الخلفاء بعدي اثني عشر، كلهم من قريش"[7], أو كما جاء في حديثٍ آخر: لا يزال هذا الدين بخيرٍ ما وليه اثني عشر إماماً كلهم من قريش[8], وهذا يطابق ما ورد في التوراة في سِفر التكوين في التوراة المتداولة حالياً، قول الرب لإبراهيم: (وأما أنت يا إبراهيم، فقم وخذ ابنك إسماعيل إلى فارام ولا تخف فإنني أباركه وأكثره وأنميه، واثني عشر أميراً من ولده يحكمون), وهكذا جرى الذبح للتحلل من الحج في منى، سنةً إلهيةً إبراهيميةً جاريةً إلى يوم القيامة، ولن ينال الله لحومها، ولا دماءها، ولكن يناله التقوى من عباده، من الذي يؤمن بأوامره وينفذها من دون أن يحاول تبريرها بعقله، فأحكام الحج الكثير منها لن تجد ما تبرره بعقلك حتى تقول لماذا أذبح في منى وسوف ترمى الذبيحة لأني لا أجد من يأكلها؟ لماذا لا أذبح في البحرين أو أي بلدٍ آخر يمكن أن يستفاد فيه من لحوم الهدي والأضاحي؟ لماذا تُقبِّل الحجر الأسود أو أركان الكعبة المشرفة وهي حجارةٌ لا تضر ولا تنفع، وترمي الاسطوانات القائمة على موضع الرمي في منى؟ مالفرق بين هذه الحجارة وتلك الحجارة كلها أخذت من جبال الحرم؟ الفرق فيها هو أمر الله، هو الاستحباب الشرعي بتقبيل تلك الحجارة، والأمر الشرعي برمي هذه الاسطوانة، لا يوجد تبرير عقلي في معظم أعمال الحج، بل في كل الدين، التبريرات العقلية تتساقط، الدين يؤخذ من الوحي السماوي، سواءً معجزاً كان كالقرآن أو غير معجزٍ كالسنة المطهرة، والحديث القدسي، لأن الدين شُرِّع وفق الحكمة الإلهية، وحكمة الله لا تدركها عقول المخلوقين، سواءً كانوا من الملائكة أو الجنة أو الناس، ولذا ليس أمام المؤمن إلا التسليم لأحكام الله والعمل وفق شرائعه وجد لها مبرراً عقلياً أو لم يجد, لأن المفروض أن يسلم لحكمة الله وأنه أعلم بدينه، وأنه أعلم حيث يضع رسالته.
عباد الله، يستحب في هذا اليوم بصورةٍ خاصة ذبح الأضحية، سواءً كان الإنسان في منى أو في غيرها من أهل الآفاق، وعند بعض الفقهاء أن الأضحية واجبة, ومن لم يعق عنه أبوه فذبح أضحيةً أجزأته عن العقيقة، فلا تتهاونوا في ذبح الأضاحي، واختاروا لها من أفضل النعم التي تقدرون عليها، كما يستحب في هذا اليوم التوسعة على العيال، وصلة الأرحام والبر بالجيران والفقراء والأيتام، وإفشاء السلام والتزاور والمصافحة، فإنها تستل الأضغان من الصدور.
وفَّقنا الله واياكم لمراضيه, وجنبنا جميعاً ما يسخطه، ووفقنا في قابل الأعوام لزيارة بيته الحرام، والحج إلى تلك المشاعر العِظام، وغفر لنا ولكم الذنوب الجِسام، فإنه هو الحليم العزيز.
إن خير ما ختم به خطيب، وتأمله كيِّسٌ لبيب، كلام الله الحسيب الرقيب، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
]وَالْعَصْرِ & إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ & إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[[9].
وأستغفر الله لي ولكن إنه هو الغفور الرحيم والتواب الحليم.
الخطبة الثانية:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله استتماماً لنعمته، واعتصاماً بعروته، ولواذاً بقدرته، واستسلاماً لعزته، وطلباً لنصرته، وفراراً من عقوبته، وتزلفاً لحضرته، الذي خلق الكائنات بقدرته، ودبَّر الملك بحكمته، وخضع كل شيءٍ لقدرته، وبعث الرسل بلطفه ورحمته، جلَّ عن ملاحظة الأنظار، وترفَّع أن تحيط بكنهه الأفكار، وعزَّ جلال مجده أن يُشاهَد بالأبصار، متكلمٌ لا بلسانٍ ولهوات، سميعٌ لا بحروفٍ وأدوات، جلَّ ربنا عما يقول الواصفون علواً كبيرا.
نحمده سبحانه بما يليق بكرم وجهه من المحامد، ونستهديه لأرشد الطرق وأنجح المقاصد، ونعتمده في دفع المكائد وكشف الشدائد.
ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، فاطر القلوب على الإذعان لوحدانيته، وثاقب الأذهان على الانقياد لسرمديته، شهادةً نقر بها عيوناً إذا برقت الأبصار، وتبيض بها وجوهنا إذا اسودَّت الأبشار.
ونشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله عبده ورسوله, الذي انشق لاجابة دعوته القمر، واخضرَّ العود اليابس في يديه وأثمر، وكان يرى مَن خلفه كما يرى مَن بين يديه إذا نظر.
ونشهد أن الخليفة من بعده فلا فصلٍ أمير المؤمنين صلوات الله عليه صاحب اللواء والكوثر، الذي لا يُنكر فضله إلا من ضلَّ أو كفر.
صلى الله عليهما وعلى أبنائهما الأحد عشر، شفعاء يوم المحشر، وأولياء الجنة وسقر، ما حمد الله حامدٌ وكبَّر, وعبده عابدٌ واستغفر.
عباد الله، أوصيكم ونفسي الجانية قبلكم بتقوى الله سبحانه والعمل بما وصاكم به، من ملازمة طاعته، وتجنب معصيته، وأحذركم ونفسي من مغبة مخالفته، والإصرار على معصيته، فإنه سبحانه لا مفر من حكومته، ولا ملجأ من عقوبته، ولقد وصَّاكم بالخوف منه في المحكم من آيات كتابه المجيد، وحذَّركم من المعصية وقدَّم إليكم بالوعد والوعيد، فهل منكم من يُلقي السمع وهو شهيد, ويتبع رضوانه وعن أوامره لا يحيد.
عباد الله، نحن اليوم في يومٍ من أيام الله سبحانه وتعالى، ادَّخره في خزائن الأيام ليكون يوم عيدٍ لنا، وبهجةً وسروراً لمجتمعنا، ولكننا أذهبنا جدوة تألقه بجرائمنا، وأطفأنا شمعة توقده بمخالفتنا، فتحوَّل هذا اليوم الأغر يوم غصةٍ في حلوقنا، لم نعد نحس فيه بطعم الراحة، ولا نشعر فيه بنعيم الأمان، لأننا لم نف لله بما عاهدناه عليه، من اتباع رسله، وإيصال ما أمر به أن يوصل، وقطْع ما أمر به أن يُقطع، فعدونا على حريمه، وتجاوزنا حدَّ رخصه، وتساهلنا في تنفيذ وصاياه، عدونا على آل نبينا صلى الله عليه وعليهم فأبعدناهم عن مناصبهم التي نصبهم الله فيها، ومنعناهم حقهم الذي افترضه علينا في كتابه، حيث قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله: ]قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى[[10]، بل لم نكتف بذلك، حتى أخذنا نقف مع قاتليهم، نُبرِّر لهم ما فعلوا، وندافع عنهم مهما صنعوا، فسلَّطهم الله علينا، فظلمونا, وسطوا على حقوقنا، وجلدوا ظهورنا، ومازالوا يستضعفوننا حتى رحلوا من هذه الدنيا، وخلَّفوا من يستن بسننهم، ويسير في الأمة على نهجهم، ففرقونا شيعاً ومذاهب، وزرعوا في نفوسنا البغضاء، فصرنا لا يغضب بعضنا لما يصيب البعض الآخر، وهم يمعنون في تقتيلنا وظلمنا، يعتدي الظالم على طائفةٍ منا فتصفق له بقية الطوائف، لماذا؟ لأنه يقول لهم هؤلاء شيعةٌ يريدون أن يأخذوا الأمر من أيديكم، وكأن الأمر في أيدي أهل السنة، فيصدقونه ويصفقون له, ويعتدي على طائفةٍ أخرى ويقول للباقين: هؤلاء نواصب يريدون أن يُفرِّقوا بين المسلمين، ويقتلوا من خالفهم، فننسى أنه هو الذي غذَّاهم بهذه الفكرة، فنرضى أن يعذبهم ويضربهم، وهكذا حتى قضى على الأمة بأسرها، أضرب لكم مثلاً بصدام، أغرى أهل السنة في العراق أنه يريد إضعاف الشيعة وإبادتهم، لتصفوا العراق لأهل السنة وحدهم، وأغرى حكام العرب بأنه يريد تغيير الشارع العراقي وتحويله من شيعيٍ إلى سني، لأن الشيعة يوالون إيران ولا يخلصون للوطن، وطلب منهم أن يعينوه بالمال، وينقلوا إليه ما يمكن نقله من البشر، من المغرب ومصر وغيرها، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ هل قضى على الشيعة وحدهم؟ أم قضى على العراق المسلم كله؟ أين البيوتات السنية العلمية التي كانت مزدهرةً في العراق؟ أين آل الآلوسي؟ أين آل البدري،؟ أين آل الزهاوي وغيرهم من البيوتات العلمية السنية؟ ألم يُبدهم صدام قبل أن يحاول إبادة الشيعة لو لم يأبى الله عليه ذلك؟ بل أين ملايين العوائل التي استجلبها من مصر والمغرب وغيرهما؟ ماذا فعل بها؟ ثم يخلفنا اليوم، وقد دارت علينا بسببه قوى الكفر والظلم في حيرةٍ من أمرنا، إن صرخنا ضد الأمريكان فكأنما نقف ضد قاتل أهلنا، وهادم مدارسنا وحوزاتنا, وحارق مكتباتنا، وإن سكتنا كنا كما يرتضي البعض منا، فنحن نرى جيوش الكفر التي لا قِبَل لرعاتنا وقادتنا في كل بلاد العرب على دفعها تدوس أوطاننا وتدنس ما تبقى من مقدساتنا، فماذا نفعل في مثل هذه الحالة الشاذة ونحل نعيش يوم عيدنا؟ هذا حال ظالمٍ واحدٍ من نفايات من تقدَّمه من الدول الظالمة التي داست كراماتنا، لماذا لا يكون صدام عربياً شهماً كما يدَّعي لنفسه ويريحنا من هذه المعاناة بأحد أمرين، إما أن يفعل ما فعله هتلر فينتحر، فلقد صار هتلر شريفاً لأنه جنَّب الألمان أن يُسحقوا، ويريح نفسه وأمته، وإن كان يشعر بالانتماء للأمة، وإما أن يخرج من العراق حتى لا يتخذه بوش ذريعةً لبدء مرحلةٍ استعماريةٍ جديدةٍ في المنطقة، لا نعلم متى تنتهي.
عباد الله, اتقوا الله سبحانه، فإنه لا ملاذ لنا إلا التقوى، لعلنا ننجوا من عذاب الآخرة، إن لم نتمكن من النجاة من البلاء العام في الدنيا بسبب رفض الناس الرجوع إلى ربهم والتمسك بدينهم.
اللهم إنا نبرأ إليك مما يعمل الظالمون في الأرض، ونبرأ إليك من كل من لا يتقيك ولا يخافك، اللهم نجِّنا من ويلات الدنيا وعذاب الآخرة، ولقِّنا الأمن في الدنيا والأمان في الآخرة، إنك على كل شيءٍ قدير.
ألا إن من أعظم ما يُستدفع به الأخطار، ويُنجى به من كيد الفجار، ويُحتجب به من لهيب النار، هو الصلاة والسلام على محمدٍ وآله الأطهار.
اللهم صلِّ على بدر فلك النبوة وجوهر قلادة الفتوة، مركز دائرة السعد والسعود، والعلة لكل كائنٍ موجود، النبي العربي المؤيَّد, والرسول الأمي المسدَّد, أبي القاسم المصطفى محمد.
اللهم صلِّ على خليفته على الخلائق, وأمينه على الحقائق، السراج الوهاج, والدليل والمنهاج، وبحر العلم العجَّاج، نور الله الثاقب, الإمام بالنص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
اللهم صلِّ على بضعة الرسول, وحليلة الأسد الصؤول، ذات الأحزات الطويلة والمدة القليلة، المعصومة الكبرى, أم الحسنين فاطمة الزهراء.
اللهم صلِّ على سبطي الرحمة, وشفيعي الأمة، وسيدي شباب أهل الجنة، ومن حبهما من النار جُنَّة، ومودتهما فرضٌ على الإنس والجنة، كريمي الجدين, وشريفي الحسبين، الإمامين بالنص أبي محمدٍ الحسن وأخيه أبي عبد الله الشهيد الحسين.
اللهم صلِّ على أيمة المسلمين, وقادة المؤمنين, وخلفاء رب العالمين، علي بن الحسين ومحمد بن عليٍ وجعفر بن محمدٍ وموسى بن جعفرٍ وعلي بن موسى ومحمد بن عليٍ وعلي بن محمدٍ والحسن بن عليٍ والخلف الهادي المهدي, حججك على عبادك, وأمنائك في بلادك، صلاةً دائمةً يا رب العالمين.
اللهم وصلِّ على ذي الطلعة المشرقة بألوان النصر والظفر، والغرة المعقود عليها لواء الفتح الأزهر، الإمام بالنص مولانا أبي القاسم المهدي المنتظر.
عجَّل الله تعالى فرجه، وسهَّل مخرجه، ونشر على بسيط الأرض منهجه، وثبَّتنا على القول بإمامته، المعدين لدعوته، الملبين لصرخته، إنه سميعٌ مجيب.
إن أحسن ما خُتم به الكلام، ووعته القلوب والأفهام، كلام بارئ الملائكة والجن والأنام، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[[11].
وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات، إنه هو الغفور الرحيم.
[1] سورة آل عمران: 85
[2] سورة الفرقان: 1
[3] سورة الصافات: من الآية102
[4] سورة الصافات: 105
[5] (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) سورة الصافات: 107
[6] سورة الصافات: 106
[7] دلائل الإمامة – ص19 – محمد بن جرير الطبري
[8] "لا يزال هذا الدين ظاهراً لا يضره من ناواه حتى يقوم اثنا عشر خليفةً كلهم من قريش"بحار الأنوار – ج36 – ص238 – العلامة المجلسي، "لا يزال أمر الدين قائماً حتى تقوم الساعة وتكون عليهم اثنى عشر خليفة، كلهم من قريش"عوالي اللئالي العزيزية – ج4 ص90 – محمد بن علي بن إبراهيم الإحسائي المشهور بابن أبي جمهور – طبعة المرعشي النجفي - إيران
[9] سورة العصر
[10] سورة الشورى: من الآية23
[11] سورة النحل: 90